هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

سفر لعبد الرزاق بادي

اذهب الى الأسفل

سفر  لعبد الرزاق بادي Empty سفر لعبد الرزاق بادي

مُساهمة  Admin الخميس مايو 29, 2008 4:44 pm

تبهرك الشمس ، تسحرك أشعتها ، تأكل وجهك الأخير ، تنثر أحاسيسك في شوارعها هذه المدينة الدائرة كالطاحونة ، لا تمنحك الفرصة لترتب أوراقك مستعجل أنت والوقت يبدو قصيرا تساءلت :- ترى هل يمكنني إكمال ما جئت من أجله ؟
عبرت الشارع……السيارات تلتهم حذرك وما تبقـى من أنفاسك المتلاحقة شكلت بجسدك الواهن جزء من فسيفساء المحطة،كثيرون هم الذين ينتظرون الحافلة وأنت لا تتقن لعبة الانتظار مثلهم ، تذكرت كلامها وهي تودعك :
- ذر الحافلات قد تفقد فيها كل شيء، خاصة أوراقك النقدية.
ما الذي تقصده بكل شيء ؟ لكنك استعدت حديث الرفاق عن بطاقة الهوية ، تحركت يدك تمسح جيب القميص…تبا لهذه المدينة الظالمة التي تسرق براءتي،تأكل ساعاتي في ملل و تكتبني قصة في ليلها…… قلقة هذه الواقفة إلى جانبك ، تدق بكعبها ما تبقى من صبرك شعرت بعينيك ترقبها،ابتسمت لك معتذرة ، حاولت أن تقول شيئا لكن نظرتك البلهاء المتهالكة أسقطتها في أزقة الصمت المطبق، بقيت تختلس الجمال، تأكل ملامحها في غفلة منها ، أحسست بالهدوء يملك جوارحك،تمنيت لو توقفت الساعة وصاحبك هذا الشعور أبد الدهر،لكن الهمـس من خلفك يعيدك للتوجس ، يرميك بقسوة إلى الخوف ، تلتفت لا تعجبك النظارات السوداء التي تخفي سوء المقاصد ،تريد أن تبتعد لكنك تخشى أن ينتبها إلى ضعفـك ، تبدي عدم اهتمامك ، تسند ظهرك حتى تبدو أطول ، تخرج الجريدة ، تدفن رأسك في صفحاتها تجري بين الورطة ، تتابع سيل السيارات في قلق ظاهر……رباه كيف سينتهي هـذا الموقف ؟
وقفت أمامك سيارة الأجرة ، نزل الراكب الوحيد فيها ،لم تدري كيف وجدت نفسك داخلها و قد تخلصت من عبء كاد يقتلك، نظرت إليك مستفسرة و قد خذلت أحلامها في أول فرصة حاولت أن تبدي أسفك لكن السيارة تحركت ، التفت إليهـا آخر مرة………كم أنت جميلـة ورائعة لكن سلامتي تهمني أكثر ، تخبر السائق عن وجهتك و تعود إلى مراقبة الأرصفة…نسيت مواعيدك و رحت تبحث في الوجوه الوردية التي لا تشبهك عن أسرار الجمال، تملكك الذهول من هذه المدينة الأنثى التي لا تمنعك الفرجة ، لا تنهي ساعاتك….شدتك بيادر الصيف و شلالات الليل، احترت في زرقة الفـيروز و اخضرار الربيع ، نامت أمانيك في غموض الرماد المنبعث من عسـل الحدقات،عيناك تركض في سهول الغواية،تزرع الحب في هضاب الفتنة تنهـدت كم هي جميلة هذه المدينة………تذكرتها وتساءلت :
- ماذا لو دعوتها للركوب إلى جانبي تلك التي أغتصب عطرها حواسي؟
لقد أحست برغبتـك في الحديث إليها،شجعتـك،ابتسمت لك ثم استفسرتك عن الزمن رغم الساعة الأنثوية الأنيقة التي تحتضن المعصم ، ترددت في بله لكنها عادت تشكوك برد الصباح رغم إحساسك بالدفء …كنت خجولا وجبانا تركتها من أجل وهـم صنعه خيالك، فالنظارات لا تعني أبدا سوء النوايا والهمس لا يعنيك…… المدينة قد تسرق منك أي شيء إلا نقودك.
لكن في ذاك الشارع الطويل وقع ما كنت تخشاه ، بدا لك حاجزا مروريا لكنه كان غير ذلك وكنت الضحية ، أوقفوا السيارة فتحوا بابك ، فتشوك ، نهبوك و السائق قاومت …صرخـت …شتمت أطلقوا عليك نارهم ، رن جـرس المنبه ….…استيقظت من نومك ترتجـف،حقيبتك إلى جانبـك و موعد السفر قد حان.
ســـوف 2000.04.22
Admin
Admin
Admin

المساهمات : 101
تاريخ التسجيل : 22/05/2008

https://mculture-souf.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى